الحياةاهم الاخبارتقارير وتحقيقات

الأسباب الخفية لزواج القاصرات باليمن في زمن كورونا

 

موسى العيزقي

عانت “برديس” من زواج القاصرات، وهي طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات، حيث كانت تحلم أن تصبح مهندسة، لكن سرعان ما تبخر حلمها بعدما أصبحت ضحية هذا الزواج، الذي كاد أن يفقدها حياتها وحياة جنينها.

وتضيف في حديثها للحياة اليمنية: “تسبب الوضع المعيشي الذي نعيشه في اليمن وتراجع الاشغال بسبب كورونا بزواجي المبكر نتيجة خوف أهلي عليا من المستقبل المجهول حيث وأني وحيدة أمي وأبي بدون شغل ووالدتي تعمل بزراعة الأرض وتصرف علينا.

وتابعت، “في العاشرة من عمري، تم زفافي لرجل غني يكبرني بالعمر بـ40 سنة ومغترب بالسعودية حيث توفت زوجته وتزوجني واني اصغر بكثير من أولاده وأني لا أعرف عن الزواج شي، مر أكثر من شهر وأني أهرب منه ولم أسمح له يلمسني ومرت الأيام وتقبلت الأمر ونتج عنه حمل ببنت.

وتلفت سافر زوجي السعودية بعد زواجنا ب 3شهور وجاء موعد الولادة وتم اسعافي من قبل أهلي إلى المستشفى وفي خطر كبير على حياتي وحياة الجنين حيث تم اخراجها فيما بعد بعملية قيصرية.
وتؤكد برديس عاد زوجي من الغربة بعد سنة ونص وبدأت المشاكل تكبر بيننا رغم أنه كان كريم معي ويعطيني فلوس ومجهورات وهدايا وياخذني بسيارته الأ أنه كان يدمرني كل مرة يقترب مني ويلمسني بحكم فارق السن بيننا كنت أتعذب كثير خاصة بعدما رجع من غربة سنة ونص وأدخل بحالة نفسية وصدمة عصبية وأخبر أهلي وهم لا يهتموا لأمري.

تتابع برديس شيئا فشيء تطورت المشاكل إلى أن وصلنا للطلاق والأن أني أم مطلقة وعمري أقل من 12 سنة ونفسي أكمل دراستي وحقق حلمي وأصبح ناشطة بدل مهندسة لأجل أقف في وجه زواج القاصرات.

وليست برديس الطفلة الوحيدة التي فقدت طفولتها وقد يكون لزواجها وهي في سن 10 سنين اثار صحية مستقبلية خطيرة فهناك قصص أخرى لزواج القاصرات بسبب الأوضاع الاقتصادية التي افرزتها جائحة كورونا وهي هاجر العواضي، (14) عام التي تسكن في منطقة بني عوض بمديرية العدين محافظة إب ( وسط اليمن)، زفت عروساً، وهي مازالت قاصرة ، بحسب الناشطة المجتمعية هلا الخالد التي روت قصتها لـ “الحياة اليمنية” بالقول: تقول ان الطفلة هاجر تم تزويجها لرجل يكبرها بعشرين عاماً.
وعزت هلا سبب تزوج الطفلة هاجر انه كان في ظل انتشار فايروس كورونا أولا وسبب تزوجيها وهي مازالت طفلة تضيف انه نتيجة ما الإجراءات الاحترازية في ظل كورونا عام 2021م وتوقف اغلب ارباب البيوت عن العمل وخاصة في المناطق الريفية كان لها اثار اقتصادية على السكان ، دفع البعض من أولياء الأمور حسب الناشطة والمدافعة عن حقوق الإنسان هند الى تزويج بناتهن القاصرات مقابل المغريات المادية الكبيرة كما حدث مع الطفلة هاجر العواضي.
وتضيف في حديث خاص لـ “الحياة اليمنية” انها التقت والد الطفلة وعرفت سبب تزويج بنته وهي مازالت قاصرة ،والتي كانت بسبب ظروف الحياة المعيشية والأوضاع الاقتصادية التي خلقتها جائحة كورونا فالاب فقد عمله واصبح عاطل ، مع استمرار الإجراءات الاحترازية تفاقم وضعه الاقتصادي السئ حسب تعبيرها
وتشير إلى أنها بذلت جهود في ثني والدها لكنه رفض ، وأصر على قراره كنوع من انقاذ وضعه وأسرته المعيشي مقابل مبلغ مالي كبير حسب تعبيره.

اثار صحية ونفسية
ويشير الدكتور عبدالله الحسني إلى مجموعة من الاثار الصحية والنفسية التي تتعرض لها العديد من الفتيات صغيرات السن.
ويقول في سياق حديثه لـ “الحياة اليمنية” تنتشر ظاهرة زواج القاصرات في اليمن في أوساط الطبقات الفقيرة، التي يرى كثير من أسرها، أن تزويج ابنتهن القاصر، لرجل ثري ويكبرها كثيرا في العمر، بمثابة وصفة لتحسين وضع العائلة الاقتصادي، مغفلين بذلك ما قد تتعرض له الفتاة من مأساة بعد تزويجها .
ويضيف: فاقم كوفيد 19 من ظاهرة زواج القاصرات، التي يتعرضن لجملة من الاثار الصحية والنفسية و لم تقتصر آثار الزواج على الجانب الجسدي، فقد تعاني الطفلة من صدمة وتجد صعوبة في النوم وتبكي باستمرار،وبعض الفتيات تصل حالتهن إلى الوفاة أثناء الولادة فيما تعاني البعض منهم من صدمات نفسية وعصبية.

ارتفاع حالات الزواج

وبحسب الناشطة الحقوقية هند عبده فإن مجموعة من العوامل وراء ارتفاع معدلات زواج القاصرات في اليمن، ومنها الحرب التي اثقلت كاهل الاسر اليمنية، وتفشي وباء كورونا فاقم من اوضاعهم المعيشية، كذلك انعدام التعليم وتدني مستوى الوعي.
ووفق عبده فقد شهدت مديرية العدين زيادة ملحوظة نسب في زواج القاصرات، خلال فترة تفشي وباء كورونا من عمر 10 إلى 14 عاما، بنسبة 45% بينما زادت نسبة زواج الفتيات دون سن 18 سنة إلى 58% خاصة بعد عجز بعض الاهالي على تغطية نفقات أطفالهم ما اضطر اهل بعض الفتيات الى تزويجهن دون بلوغ السن القانوني.

ووفقا لتقارير رسمية فإن8 حالات وفاة يوميا في اليمن بسبب زواج الصغيرات والحمل المبكر والولادة في ظل غياب المتطلبات الصحية اللازمة.
وتظهر احصائية حكومية أن نسبة زواج القاصرات في اليمن يزداد تدريجيا بشكل سنوي، لاسيما بعد العام 2009.
وتقول دراسة لمركز الرصد والحماية في منظمة سياج للطفولة إن ما لا يقل عن 60% من الفتيات اليمنيات يتزوجن قبل بلوغ الثامنة عشرة من عمرهن في حين تتزوج أخريات بنسبة تتراوح ما بين (30%) و (40% ) قبل بلوغهن 15 عاماً.
وأوردت دراسة ميدانية أعدها مركز دراسات المرأة والتنمية في جامعة صنعاء ان 52% من الإناث تزوجن قبل سن االـ 15
وذكر مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي في جامعة صنعاء، عام 2013 أن نسبة حالات زواج الصغيرات في اليمن تبلغ 65 في المائة من مجموع حالات الزواج، و70 في المائة من تلك الزيجات تحدث في المناطق الريفية.
وبحسب تقرير أصدره المركز الدولي لدراسات النوع الاجتماعي عام 2011، فقد حلت اليمن في المرتبة الـ 13 من بين 20 دولة صُنفت على أنها الأسوأ في زواج القاصرات، حيث تصل نسبة الفتيات اللواتي يتزوجن دون سن الثامنة عشرة إلى 48,4 بالمائة.

أسباب الظاهرة
من جانب آخر، ترى الناشطة الحقوقية هويدا الفضلي ان زواج القاصرات من القضايا التي يجيب ان تحضى باهتمام كبير من قبل المثقفين والحقوقين لاسيما انها تعتبر جريمة كبرى بحق الطفولة و الانسانية.
وتشير الناشطة الحقوقية:قد أسهمت الحرب وازمة كوورنا وما أرخته من ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية وقانونية ضاغطة إلى جانب الموروث الثقافي- في تعميق الظاهرة وتوسعها.
وتتساءل في سياق حديثها لـ “الحياة اليمنية” كيف لفتاه لم تتعدى السن القانوني ان تتزوج وهي مازالت تفتقر للوعي الكافي لدخول الحياة الزوجية.؟!
وتؤكد الناشطة الحقوقية: الظروف الاجتماعية والوضع الذي نعيشه في اليمن من اهم الاسباب وراء زواج القاصرات كذلك تفشي الامراض والاوبئة خاصة وباء كورونا ساهم في توسع هذه الظاهرة المؤلمة، كذلك من ناحية أخرى فالقانون والقضاء نفسه لا يقومان باي دور في حماية الطفولة بسبب عدم وجود ضوابط ولا تعديل للدستور بما يتعلق بالعمر المناسب للمرأه في الزواج والحد من جريمة الزواج المبكر في اليمن .

 

” تم نشر هذه المادة بدعم من JDH/JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”

زر الذهاب إلى الأعلى