اراءالحياةاهم الاخبار

عن غزوة حبيش الكبرى وشبح التراكمات التاريخية الجوفاء ومستقبل اجتماعي ملغوم ..!

 

كتب – نشوان النظاري

يمتد الصراع الجهوي والمناطقي في اليمن لعشرات العقود ومئات السنوات وتشكل الجغرافيا عائقا أمام تطلعات أبناء المناطق ” السفلى ” ويتعرضون على مدى فترات متباعدة لصلف اجتماعي و تمييز عنصري وتمارس ضدهم كل أنواع القهر والبطش والاحتقار الوجودي وشتى صنوف الإذلال والاضمحلال والفرز الطبقي والجهوي والمذهبي والفئوي البغيض .

في كل فترة تاريخية تمارس قبائل الهضبة وما جاورها اغارات بربرية وحشية بدائية على المناطق ” السفلى” – وفق التعبير التقليدي المتداول – ولو على أتفه الأشياء وذلك لإبقاء النفوذ القبلي وتكريس ثقافة الفيد والكشط ونسف اية نزعة تحررية مهما بدت ضعيفة أو حتى مجرد ظاهرة صوتية وكل ما قد ينجم عنه خروج عن المسار المحدد يواجه بموجة من السحق و الابادة الممنهجة .

يستغل رجال القبائل مؤسسات الجيش والوظيفة العامة ويتوغلون بشكل جنوني فيها ويتقاسمون الأرقام العسكرية ويوزعونها حتى على الاطفال وفي حالة أراد أحدهم الثراء فلن يكلف نفسه سوى عناء الحصول على قرار عمل او تكليف في محافظة إب او تعز او الحديدة او الجنوب وهناك يتم استغلال طيبة أبناء تلك المناطق وخنوعها التاريخي لتتحول الأرض للاستباحة المنظمة والفيد المقنن ويتحول الانسان الى تابع ذليل ينفذ إملاءات ” العكفة ” الجمهوريين ويشرعن لنهبهم ويشكل غطاء قانوني لتلك التجاوزات وفي حال انكشفت اللعبة وتسربت المعلومات للرأي العام وتداولت الصحافة الخبر دفع ” الأبي ” الثمن لأن لا ظهر يمكنه أن يقف خلفه او يحميه فيما الاخر يرقى إلى مناصب أكبر ويحظى بامتيازات مطلقة .

إنها الهمجية القبلية المتخلفة والمتعجرفة الرعناء التي تعتلي كل الأنظمة وتمارس نفوذها وغطرستها المناطقية والجهوية وتستأثر على الحكم بصورة سياسية او دينية
ولا تقدم لهذا الوطن سوى الدمار والهلاك والتشظى العام .

استطاعت القوى القبلية وفي لحظة انهيار سياسي فارق ضم إدارة الجنوب واخضاعه ليسيطرتها والبسته طابع سياسي مدني عرف بمشروع الوحدة ولقد أحكمت تلك القوى على ثروات الجنوب وتقاسمت أراضيه بآلاف الهكتارات واقصت قياداته الشريفة وزرعت قيادات أخرى مستنسخة ولاءها الوحيد للقبيلة الشمالية الحاكمة ولمصلحتهتا الذاتية ، وكان من الطبيعي تهالك المشروع الوطني وتفكك عرى الوحدة وباتت على مهب الريح وقاب قوسين او أدنى من الانهيار الفعلي .

محافظة إب موطن ” البراغلة ” و” اللغالغة” حسب التوصيف الدوني والمناطقي الشهير والذي يعبر عن مكنون الخلل الاجتماعي لدى سكان المناطق ” العليا ” ومدى خطورة تفكير حقير غوغائي مريض كهذا ومدى تغوله في أجيال قادت البلد لفترات زمنية طويلة تحولت المحافظة فيها لريع القبائل ومساحة مفتوحة للعبث والنهب ومصادرة الأموال والكرامة .

تعرضت إب في بدايات القرن الواحد والعشرين إلى اجتياح قبلي دموي مسلح هدفه أخذ الثأر والتنكيل بالمجتمع وإعادة رسم العلاقة بين قبائل النفوذ لصنعاء وما جاورها وقباىدئل المناطق الوسطى والجنوب و
انظروا معي لهذا الفعل الهمجي والغريب . اقتحم مسلحون قبليون يصل عددهم الى اكثر من 200 مقاتل مدججون بالسلاح قادمون من خولان بقيادة الزعيمين القبليين خالد وملاطف القيري قرية النقاش بمديرية حبيش شمال محافظة إب وأطلقوا النار على منازل المواطنين وروّعوا الأهالي خصوصاً الأطفال والنساء والشيوخ وخطفوا عدداً من أبناء القرية بينهم مسنين واقتادوهم إلى جهة مجهولة .
وأضاف ” المصدر اون لاين ” الموقع الإخباري المعروف ان المسلحين القبليين لم يكتفوا باختطاف مواطنين بل نهبوا منازل الأهالي وحرقوا خمسة منازل بشكل كلي، ومنازل أخرى بشكل جزئي في مشهد مروع لم يسبق للأهالي ان شاهده ، وتم كذلك نهب مقتنيات ثمينة ورمزية كالجنابي وذهب النساء ووثائق أراضي (بصائر وبراهين)، وعبثوا بمحتويات المنازل، بما فيها غرف النوم. كما قتلوا عدداً من الأبقار والأغنام وأحرقوا بعضها، ودمروا بئر القرية الوحيد ، ومن المفارقات العجيبة ان العشرات من نقاط التفتيش سمحت لهذا الكم الهائل والمسلح بالعبور دون اكتراث لشيئ او لأحد .

ينبغي أن تدون هذه الحادثة والتي اعادة للأذهان قضايا ومأسي لا حصر لها وان صنعاء لا يأتي منها سوى القمع والهمجية والتهكم المريع والتسلط المنحرف والاستقواء المسخ والنظرة الوطنية القاصرة . يجب أن تعرف القبائل أننا لسنا عبيد وأن عليهم مراجعة منظموتهم الإنسانية المعطوبة .

بعض الزملاء هنا في إب يخشون من اندلاع احداث عنف جراء ما حدث في مفرق حبيش تؤدي إلى جر المحافظة إلى عنف مفتوح وثارات متسلسلة وهذا لن يحدث البته . ذلك أننا تاريخيا لا نجيد سوى أداء دور الضحايا وإتقان التبرير للجاني . بل ننظر لكل فعل قبلي همجي بإعجاب ونضرب به الأمثلة!!!!

إنها عقدة الإذلال التاريخي وتكريس ثقافة الإلغاء والإقصاء وحتى منذ بواكير ثورة 26 سبتمر والتي كانت الحلم الذي علق أحرار إب وتعز فرصة تاريخية للانتصار لوجودهم الحقيقي استطاع القبائل إجهاض تلك الأحلام واعادوا تكريس مفهوم المناطقية ونفذوا عمليات قتل وسحل بالهوية وتعرض احرار ثورة ال26 من سبتمبر الى عنف وجودي دوني لا مثيل له في التاريخ .

#نشوان_النظاري

زر الذهاب إلى الأعلى