حوار الحياة

المقطري: قبل الحوار لا بد من إيجاد الأرضية الصلبة التي ينطلق منها

 

حوار  مع الشيخ الدكتور: عقيل محمد زيد المقطري

-1 في البداية كيف تقيمون المشهد الثوري والسياسي في البلاد في الوقت الراهن؟

أما المشهد الثوري فلم يبق إلا أعداد قليلة واختفى الوهج والحماس الثوري حتى إن عدد المصلين في أيام الجمع صار قليلا وقلت جموع المتظاهرين في المسيرات وصارت بعض التجمعات والتكتلات تدعو للعودة إلى البيوت وخاصة تلك التي تدعي أنها تريد إنقاذ الثورة والثورة منها براء وأخص بالذكر الحوثيين ومن صاروا يتعاملون مع إيران وصارت جموع الثوار والمتظاهرين متجاهلة حتى من قبل الحكومة فكم لهم ينادون بتنحية بقايا عائلة صالح والفاسدين لكن الدولة لم تستجب لهم لا من قريب ولا من بعيد وفي المقابل فإن بقايا النظام يحاولون إجهاض الثورة بل ويطالبون صراحة برفع الاعتصامات وعلى حسب قولهم فإنه لا داعي لها بل هدد أحدهم فقال إن شارع حدة خط أحمر أنا أخشى أن قيادات الثورة اقتنعت بالفتات فصارت تعمل من حيث لا تشعر على إجهاض الثورة وتتيح الفرصة للنظام السابق لينتج نفسه من جديد بل عدم الحسم هيأ لبعض القوى للعبث بأمن واستقرار البلد وما أحداث أبين وغيرها إلا نتيجة للتباطؤ في الحسم الثوري بل إن التباطؤ أتاح للنظام السابق الذي لا يزال بيده قوة ضاربة ولاعبا سياسيا قويا أتاح له خلط الكثير من الأوراق في اليمن من خلال أعمال عدة أظهرت الحكومة أمام تلك التصرفات بأنها عاجزة عن زجر من يعبث بالأمن والاستقرار إضافة إلى ذلك أن بعض الساحات ارتفعت فعلا كما أتاح التباطؤ الفرصة للحوثيين أن يتوسعوا في حجة ويقتلوا المئآت من الأبرياء العزل ويهجروهم من منازلهم بل ويزرعون الألغام ويهدمون البيوت بالمدافع ويبسطوا نفوذهم بالقوة في صعدة والحكومة تتعامل معهم بغاية من اللطف والتدليل .
أما المشهد السياسي فأرى أن الأمور مستروحة مكانها لم يتغير الشيء الكثير الذي حدث هو أن وجوها اختفت لكن أفعالهم لا تزال موجودة أجهزة الدولة لا تزال بأيديهم الفاسدون لا يزالون يتربعون أعلى المناصب نصف الحكومة معهم بل زاد على ذلك أعمالهم التخريبية وإقلاق الأمن في المدن الرئيسة  أين ثورة المؤسسات التي كان الشعب يصفق لها بارتياح والتي أطاحت بكثير من الفاسدين الذين أفسدوا أجهزة الدولة وهل البدلاء كانوا عند حسن الظن صحيح حدث نوع ثبات في قضية الكهرباء وعاد أنبوب النفط للعمل وتحسن وصول الماء مقارنة بما كان عليه الحال خلال عام 2011م لكن أعمال البلطجة لاتزال وعلنا أمام الملأ والمجاميع المسلحة تجوب المدن وتطلق النار عشوائيا فتقتل وتجرح وتقطعات الطرق لم يعمل له أي حل ومؤسسات الدولة يعتليها البلاطجة أحيانا كما حصل في وزارة الداخلية قبل أيام بل إن اليمن اليوم تمر بمراحل حرجة وخطرة جدا أوصلها النظام السابق إليها وهي أن اليمن صارت تحت الوصاية الدولية وأرى أن جمال بن عمر  هو بريمر اليمن فلا يستطيع الساسة أن يفعلوا بعض الأمور إلا بعد إذنه ولا يزال بن عمر يتواصل مع علي صالح وأبنائه والحاصل أن أمريكا فيما أرى استكفت بضمان مصالحها في اليمن وأعطت الضوء الأخضر لعلي صالح يعبث كيفما يشاء بالمقابل سلمت اليمن إلى أربع دول فرنسا للدستور وبريطانيا لملف المحافظات الجنوبية وألمانيا للتنمية وروسيا للحوار بينما هذه الدول تطالب السعودية وإيران برفع ايديها عن اليمن وهذه الدول لا شك أنها تريد تغيير خارطة اليمن شعرنا بذلك أم لم نشعر بينما السعودية كانت تحاول أن تكون لاعبا رئيسا في اليمن فحاولت تشكيل ما يسمى التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي برئاسة الجفري واشترطت ألا يكون فيه أي اشتراكي فلما طلب منها أن ترفع يدها صارت تدعم مثل هذه التكتلات بطريقتها الخاصة وأحزاب اللقاء المشترك رضخت للأمر الواقع وصارت تتعامل مع الموضوع برضى تام وهذا معروف من خلال الكثير من الحوارت والمقابلات بل إن هذه الأمور مجتمعة إضافة إلى انشغال الحكومة بقضية الحوار التي لم توجد لها الحكومة الأرضية الصلبة التي سينطلق منها الحوار مهدت الطريق لإيران للعبث بأمن واستقرار اليمن فهي تدعم الحوثيين دعما مطلقا لتوجد لنفسها ذراعا بديلا عن سوريا فيمما لو سقطت والحوثيون يشتغلون في عدة اتجاهات منها الحرب كما في حجة والقمع كما في صعدة ومنها التحالف مع بعض فصائل الاشتراكيين وبعض فصائل الحراك ومنها استقطاب الشباب المستقلين من الساحات وتجنيدهم في معسكراتهم مقابل سبعين ألف ريال شهريا ومنها قيادات في المؤتمر الشعبي كما فعل بعض غرابيب المؤتمر الذين التقوا حسن نصر الله في لبنان وطلبوا منه التعاون فرحب شريطة تسليم الحوثيين قيادات حساسة ومنها التواصل مع علي صالح كما فعل المتوكل وأعقبه اتصال علي صالح بالحثي وطلب منه فتح صفحة جديدة ليتعاونوا في إسقاط اليمن عسكريا وإجهاض الثورة وأنا أتوقع أن المتطرفين من المؤتمريين سيذوبون مع الحوثيين في المستقبل ومنها من خلال اللقاء المشترك المتمثل بحزب الحق واتحاد القوى الشعبية  ومنها استقطاب أكاديميين وتسفيرهم إلى إيران على حسابهم من أجل غسل أدمغتهم ورحم الله عمر بن الخطاب الذي قال عجبت لجلد الفاجر وعجز الثقة هذا مجمل المشهد السياسي في اليمن وأتمنى من الحكومة أن تتخذ إجراءات قوية وجادة تمنع كل هذا العبث وألا تنتظر حتى يستفحل الأمر فتحاول حينئذ الإصلاح فلا تقدر وتعض على أنامل الندم ولات ساعة مندم إن رعاة المبادرة الخليجية تخلوا عن كثير من تعهداتهم تجاه اليمن  بدليل أن هذه الدول تعرف من يعرقل العملية أو التسوية السياسية ولم تفرض عليه أي عقوبة ولعل ثوار سوريا يسبقونا في انجاح ثورتهم أسأل الله أن يعجل لهم بالنصر والفرج آمين.
2- ما الذي حققته الثورة حتى الآن من وجهة نظرك؟

كما قلت لم يتحقق الكثير وإن تلاشى عن الظهور بعض الشخصيات إلا أنها لا تزال فاعلة ولا يزال بيد النظام قوة عسكرية ولا يمكن أن تنعم اليمن بالهدوء والأمن والاستقرار ما لم يهيكل الجيش ويسلم لقيادات مهنية وطنية ويعاد تأهيله على أسس وطنية وينحى عن مواطن القرار كل من له صلة بعلي صالح ويمنع علي صالح من ممارسة العمل السياسي .

3- باعتقادك هل بقاء الساحات أمر ضروري؟

بقاء الساحات صمام أمان للثورة ألا تجهض ولا تسرق ولتحقيق أهدافها بشرط أن تحافظ على وهجها وتبقى قوية متماسكة لها تأثيرها وتجنى ثمارها وإلا فما الداعي لبقائها إن بقيت ضعيفة

4- برأيك ما هو الحوار الوطني المطلوب؟

قبل الحوار لا بد من إيجاد الأرضية الصلبة التي ينطلق منها الحوار ثم لا بد من تحديد منطلقات الحوار ونقاط الحوار وأهداف الحوار وأن تكون جميع لجان الحوار نزيهة تريد الخروج برؤى واضحة وحلول ناجعة وألا تستثنى أي شريحة من شرائح المجتمع الفاعلة وإن لم تذكر في المبادرة الخليجية فالمبادرة ليست قرآنا وأن يكون هناك عدل في توزيع المقاعد سواء كان في اللجان المنظمة أو في الحوار لكن البوادر تشير إلى تجاهل كثير من المؤثرين سياسيا بالرغم من أنهم يصرحون بأنهم لن يستثنوا أحدا لكن الواقع ظهر خلاف ما صرحوا به وإلا فأين مثلا ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني وأين العلماء الربانيون وأين الأحزاب الناشئة بل أين العدل فبحسب ما نشر قبل أسابيع كان للحوثيين ثمانية ممثلين ولأحزاب اللقاء المشرك ثلاثة أو أربعة بهذه الطريقة لن ينجح الحوار بل أنا أعجب من صنيع الحكومة كيف تقبل الحوثيين في الحوار وما زالوا يحملون السلاح وبالمقابل لم تقبل بدخول غيرهم ممن يحمل السلاح وخطر الحوثيين لا يقل عن خطر القاعدة والذي ظهر لي أن الحرب على القاعدة حرب بالوكالة ولو أن أمريكا صنفت الحوثيين ضمن الجماعات الإرهابية وطلبت من الحكومة قتالهم لفعلت الحكومة .

5- ما الحل المناسب للقضية الجنوبية من وجهة نظرك؟

الحل المناسب في نظري أن ترد المظالم إلى أهلها وتعالج الأسباب التي أدت إلى تذمر القطاع الكبير من إخواننا هناك ويعتذر لهم ويعاملوا كما يعامل غيرهم ويعدل معهم في توزيع الثروة والوظائف وتضع خططا واضحة لقضية الثروات وكيفية استخراجها وعائداتها ومصارفها ونصيب المحافظات الجنوبية منها .

6- كيف تنظرون إلى الشراكة الحالية بين ( المؤتمر والمشترك) في إطار ( حكومة الوفاق)، في ظل بقاء ( صالح) على رأس هرم المؤتمر الشعبي العام؟

لا أرى أن ثمة شراكة حقيقية بل إن علي صالح يهدد حكومة الوفاق ويسعى لإفشالها بكل الطرق وزراء المؤتمر في حكومة الوفاق لا يعملون مع البقية بروح الفريق الواحد ولا يأتمرون بأمر رئيس الوزراء بل بأمر علي صالح لا يعملون للوطن بل يعملون من أجل عائلة علي صالح ولو كانوا يعملون للوطن لقالوا نحن نأتمر بأمر رئيس الدولة وأمر رئيس الوزراء وأعتقد أنه لو منع علي صالح من ممارسة العمل السياسي وأقيل من رأس المؤتمر لكان الحال أحسن وإن كان بعض هؤلاء سيبقى يأتمر بأمر أحمد  المطلوب هو تنحية الأسرة المالكة

7- برأيك هل السلفيون قادرون على توحيد صفوفهم والعمل تحت مظلة كيان سياسي موحد؟

ذلك ممكن إن صدقوا الله وتناسوا الذوات وتركوا حب الظهور والتصدر وتنازلوا لإخوانهم وعالجوا الأسباب التي أدت إلى عزوف القطاع الكبير عن الانخراط في العمل السياسي وأنزلوا كل إنسان منزلته وجعلوا تمثيل العمل السياسي تمثيلا صحيا بحيث يشمل جميع المحافظات وو إلخ .

8- وهل بمقدورهم استيعاب الحركات والتوجهات الأخرى كما عمل الأخوان المسلمون؟

لا أظن ذلك في هذه المرحلة لكنهم قد يفعلون ذلك بعد ممارسات طويلة للعمل السياسي وبعد وقوفهم على صعوبات وعقبات تلجئهم للتحالف مع الآخرين .

9- المعروف في قاموس السياسة أن ( الغاية تبرر الوسيلة).. وهذا الأمر ربما لا يجوز من وجهة نظر الدين.. برأيك كيف سيتعامل السلفيون مع هذا الأمر.. خصوصاً والسياسة تعتمد احياناً على الكذب واللف والدوران من أجل تحقيق مكاسب..؟

قد يتعاملون مع هذه القاعدة في بعض الأحايين وقد لمس هذا في أرض الواقع والواجب على المسلم أن يحقق مكاسبة بطرق مشروعة لا تجعله يرتكب المحرم الذي يغضب الله عليه فمثلا لا يجوز كسب المال عن طريق الربا وهكذا يجب على المسلم أن يسلك طريق السياسة الشرعية وسيجد مخارج لكثير من المعضلات السياسية ولا شك.

10- هناك من يرى أن انخراط رجال الدين بالسياسة أمر في غاية الخطورة.. وفيه تقليد واضح للغرب .. كيف تعلق على هكذا طرح؟

لا شك أن انخراط العالم في العمل السياسي فيه خطورة عليه ذلك لأن العمل السياسي يوقع العالم في كثير من الإحراجات والمخالفات والتي بدورها تشوه سمعته لكن قد يوجد من أهل العلم من تكون موقفه متمشية مع السياسة الشرعية بحيث لا يظهر بمظهر المتناقض أمام العامة وليس ترك العالم للمارسة السياسية من باب التقليد للغرب بل لهذا المعنى .

11- لو سألناك بصراحة هل أنت مع خروج المرأة في مظاهرات ومسيرات جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل؟

خروج المرأة في المظاهرات  بالضوابط الشرعية أمر جائز ومن ذلك ألا يكن مختلطات بالرجال بل يسرن في الخلف أو يسرن في الجنب أو هناك من يعمل فواصل من الشباب أو مسيرات نسائية خالصة وقد ضربت المرأة اليمنية مثلا مبهرا أثناء الثورة فشاركت في الثورة وحافظت على حجابها وحشمتها وكان منهن شهيدات .

12- أخيراً.. ما المستقبل الذي تتوقعونه للحركة السلفية في اليمن في ظل التطورات الأخيرة؟

أتوقع  أن الحركة السلفية ستنتقل نقلة جديدة وكبيرة في عدة أصعدة في العمل السياسي والدعوي والخيري لأن الظروف إن شاء الله تكون أحسن من ذي قبل لكن وكعادة السلفيين ستوجد عدة أحزاب وربما يعود الصرع فيما بين هذه الأحزاب جذعة تماما كما كان الصراع الدعوي وأتمنى أن يخيب ظني كما أتمنى أن تدير العمل السياسي عقول جديدة نظيفة وليس بعقلية العمل الخيري ولا الدعوي بل ولا القبلي فالحاصل في حين أنشئت الجمعيات والمؤسسات الخيرية أنها أديرت بعقلية تربوية واليوم ربما يراد أن تدير الأحزاب بعقلية خيرية وهذا لا يتأتى بحال والله الموفق .

زر الذهاب إلى الأعلى