حوار الحياة

نائف القانص : في حوار صريح مع صحيفة(الحياة) الثورة مستمرة حتى تحقيق كافة أهدافها

نائف أحمد القانص ناشط سياسي وحقوقي، عرفه الكثير من خلال مُشاركته في العديد من المسيرات والاعتصامات.. والوقفات الاحتجاجية الغاضبة، التي كانت تقام في أماكن مختلفة في العاصمة صنعاء قبل اندلاع ثورات الربيع العربي بسنوات.. القانص يشغل منصب عضو اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي ( قطر اليمن)، كما يشغل أيضاً منصب رئيس مكتب العلاقات الوطنية والسياسية في الحزب نفسه.. إضافة إلى أنه عضو في الهيئة التنفيذية لتكتل اللقاء المشترك ..عُين مؤخراً ( الناطق الرسمي باسم أحزاب اللقاء المشترك) للمرة الثانية…
سياسي مخضرم، ومحاور له حضوره الخاص، وأسلوبه المميز والمقنع إلى حدٍ ما.. حاورته للمرة الثانية ووجدته كالعادة.. ينادي بالحرية وينشد التغيير والديمقراطية، ويحلم بوطن يحتوي الجميع…
 
حاوره / موسى العيزقي.- الحياة اليمنية
 
• في البداية نرحب بك أستاذ نائف، ونشكرك على تلبية الدعوة، وسؤالنا الأول حول قراءتكم للمشهد السياسي اليمني الراهن في ظل التطورات الراهنة؟
– المشهد السياسي اليوم يشهد تغيرات كبيرة على المستوى الداخلي ..مع التزايد في الاختلالات الأمنية، وتدهور الوضع الاقتصادي، والتداعيات السياسية على اثر التعيينات الأخيرة، وما شهده جنوب الوطن من انعقاد المؤتمر الجنوبي المطالب بالانفصال، وكذلك زيارة رئيس الجمهورية إلى العديد من الدول الأوربية وأمريكا..
 
• لو تحدثنا عن الثورة الشبابية.. هل نستطيع القول أنها لا زالت مستمرة، خصوصاً وقد خفت الوهج الثوري، وتم رفع بعض الساحات؟
– الثورة مستمرة وستستمر إلى أن تحقق كامل أهدافها التي خرج الشباب وضحوا من اجلها .
 
• طيب .. ما الذي حققته الثورة من وجهة نظرك حتى الان؟
– الثورة حققت الكثير.. ويكفي أنها أسقطت منظومة حكم دكتاتوري عمل طيلة (33) عام في تسخير إمكانية الدولة في شراء الولاءات، وتسليم المؤسسة العسكرية والأمنية إلى أفراد أسرته من أجل أن يضمن حماية عرشه .. كما عمل على تهميش و إقصاء العديد من الكوادر الوطنية من خلال إقالتها أو إحالتها إلى التقاعد وخصوصا من ابناء المحافظات الجنوبية الذين كانوا يتميزون بمؤهلات علمية متخصصة حتى يتيح لأكبر عدد من الأميين وذوي الشهادات المتدنية التغلغل في صفوف الجهاز العسكري والمدني ليضمن ولائهم له ويتم إذلالهم بما أعطاهم من مناصب ليسوا مستحقين لها وإنما جاءت بكرم منه..
أيضا التحكم في العملية الانتخابية، وإيصال المشائخ والعسكر إلى البرلمان وبأغلبية ساحقة كل هذه المعطيات كان يستحيل أن يتم التغيير لولاء هذه الثورة العملاقة وتضحيات الشهداء الأبطال، واليوم اليمن على عتبات انتقال تاريخي نحو الدولة المدنية الحديثة، ولن يستكين الثوار إلا عندما يرون كل أهداف الثورة قد تحققت وأرست درس سيظل في ذهن كل من يصل إلى رأس الحكم والقرار إذا ساورته نفسه أن يتجاوز الشعب فانه حتما سيلاقي مصير من سبقوه أن لم يكن اشد من ذلك .
 
• لو تحدثنا عن الحوار الوطني.. اليمنيون يتطلعون إلى الحوار بتفاؤل مفرط، باعتباره القشة التي ستنجي الجميع من الغرق .. هل ما تم إنجازه حتى الآن بالنسبة للإعداد والتحضير كاف لانعقاد مؤتمر الحوار الشامل ؟
– نعم اليمنيون يتطلعون إلى الحوار الوطني كمنقذ للبلد، وكذلك الثوار يعقدون الأمل عليه لاستكمال أهداف الثورة ولن يبرحون الساحات حتى يرون تلك النتيجة حقيقة واقعية على الأرض ملموسة، وما قدمته اللجنة الفنية للحوار ليس كافيا فالجميع ينتظر من اللجنة ورئيس الجمهورية البدء الفعلي في تنفيذ النقاط الـ20 كرسائل تطمينية لإخواننا في الجنوب، و كي نضمن حوار وطني شامل لا يستثني احد، مع الأخذ في الاعتبار في إرساء قانون العدالة الانتقالية واستعادة أموال الشعب والمظالم إلى أهلها، ومع تحفظ الشباب والمرأة والقوى السياسية في التمثيل المتكافئ في مؤتمر الحوار الوطني بما يسهم بالخروج بقرارات تجنب اليمن الصراعات الداخلية وتحقق الدولة المدنية التي يجمع عليها عامة الشعب، والتوافق على دستور وطني يحفظ للمواطن اليمني حقوقه وكرامته، والعيش الكريم .
 
• أنتم في المشترك ماذا يعني لكم الحوار؟
– الحوار بالنسبة لنا في المشترك هو قضية مصير لابد من العمل بكل طاقاتنا من اجل إنجاحه، والإسهام الفاعل في مخرجاته بما يحقق الخير والعيش الكريم لكل أبناء الوطن، وبما يسهم في إيجاد الرؤية المثلى التي يجمع عليها كل المتحاورين وتؤّيد من عامة الشعب .
 
• وما هي نظرتكم نحوه؟
– ننظر للحوار بأنه المخرج الوحيد والأمثل لليمن واليمنيين.
 
• رحبتم في المشترك بالنقاط العشرين التي وضعتها اللجنة الفنية للحوار الوطني.. باعتقادك لماذا إلى الآن لم يصدر اعتذار للجنوب وصعدة؟
– نعم رحبنا بذلك.. وفيما يخص الاعتذار وتأخره هي مسألة وقت.. ولابد للأطراف المعنية بتقديم الاعتذار أن تبادر به-لان خطوة مثل هذه لا يقّدم عليها إلا العظماء- فالاعتذار لا ينقص ممن يقدمه، بل يسهم في فرض احترامه من الجميع، وخصوصا انه يترتب عليه مصير وطن، والبند واضح انه يجب الاعتذار من كل الأطراف التي شاركت في الحرب في الجنوب آو في صعدة .
 
• هناك من يراهن على فشل الحوار الوطني لاسيما بعد التجاذبات، والتباينات التي صاحبت تشكيل اللجنة الفنية.. برأيك ما هي فرص نجاح الحوار؟ وما هي احتمالات فشله؟
– فرصة نجاح الحوار تعتمد على مخرجاته.. وتمثيل كل الأطراف المعنية بالحوار، والمقدمات الصادقة في معالجة القضايا العالقة التي سبّبها النظام السابق، والمتمثلة بإزالة المظالم في الجنوب، وآثار حروب صعدة، والعمل على الإسهام فيما يجمع الشمل، والترفع عن الصراعات القبلية والمذهبية التي نرى رائحتها النتنة تنبعث بين الحين والأخر في المحافظات الشمالية..
– وفشله ( لا سمح الله) سيحدث عندما نتجاوز مثل هذه الحقائق المسلمة، ولا اعتقد أن يتم ذلك رغم أن هناك من يحاول إفشال الحوار حتى يثبت للداخل والخارج بأنه كان الوحيد الذي استطاع أن يلعب على رؤوس الثعابين، وان يحكم اليمن وان الثورة لن تأتي إلا بأسوأ مما كان موجود، ويجعل اليمنيين يتمنون السيئ في ظل وجود الأسوأ.
 
• إذا نظرنا إلى واقع القضايا التي يعاني منها المجتمع اليمني نجد أنها متشابكة ومعقدة.. أنتم في اللقاء المشترك ما أبرز قضية تركزون عليها في الوقت الحالي؟
– ابرز قضية نركز عليها في المشترك هي الإسهام في إنجاح الحوار الوطني الذي سيحقق انتقال سلمي وشامل للسلطة، ويحقق الدولة المدنية والخروج بنتائج مرضية لكل أبناء الشعب.
 
• كثرت التأويلات حول حادثة محاولة اغتيال أمين عام الاشتراكي اليمني ( د. ياسين سعيد نعمان) .. أنتم في المشترك كيف تفسرون لنا ما حدث؟
– لن نقول أكثر مما قاله الدكتور ياسين ( أنها عملية تم التخطيط لها بإحكام) ولكن إرادة الله كانت رحيمة بالشعب اليمني بان نجئ الدكتور ياسين -أطال الله في عمره- لان اليمن في أمس الحاجة له، ولكل الشرفاء من أمثاله في هذه الظروف العصيبة .
 
• ولكن هناك من يتحدث عن أسباب غير معلنة وراء سفر الدكتور ياسين وأفراد عائلته إلى خارج الوطن عقب الحادثة؟
– الدكتور ياسين كان مرتب لسفره من قبل الحادث ولدية برنامج علاجي في الإمارات، يذهب بين الحين والأخر وليست هذه المرة الوحيدة التي يسافر فيها ويغيب عناء، فمثله لا يمكن أن تهزه الحوادث الجسام، فهو يرى الوطن (أغلى من روحه) ومستعد أن يقدم في سبيل ذلك أغلى التضحيات، فهو قدوة لنا ومنه تعلمنا الكثير من السياسة والشجاعة .
 
• إذا انتقلنا لمحور أخر.. هناك أطروحات عديدة حول النظام الجديد، و الدولة المرتقبة منها ( النظام البرلماني- النظام الرئاسي- الفيدرالية- الكونفدرالية – الأقاليم).. ما النظام المناسب للجمهورية اليمنية من وجهة نظركم ؟
– نحن في المشترك وضعنا ثلاثة خيارات لشكل الدولة تركزت في الحكم المحلي كامل الصلاحية، أو ما تضمنته وثيقة العهد والاتفاق التي تم التوقيع عليها في الأردن قبل اندلاع حرب صيف 94 المشؤمة، أو الفدرالية،
وهذه الخيارات مطروحة للحوار الوطني، أما شكل النظام فنرى في النظام البرلماني هو المناسب لليمن.. لأنه يحد من صلاحية الفرد ويسهم بصلاحية واسعة للشعب من خلال ممثليه في البرلمان مع نظام انتخابي نسبي بنظام الدائرة الوطنية .
 
• كثر الحديث عن وجود تقارب بين الحوثيين والرئيس السابق علي صالح،
ما حقيقة هذا التقارب؟ وما هي مخاطره على مستقبل الوطن وأمنه واستقراره؟
– اعتقد أن هذه تسريبات إعلامية.. لان الصراع الذي دار بين الحوثيين وصالح أثناء فترة حكمه في حروب دامت ست سنوات خلفت جروح دامية من الصعب أن يكون هناك تقارب يتجاوز هذه الجروح، ونحن نعتبر الحوثيين شركائنا في الثورة فنحن اقرب لهم وهم اقرب لنا وعليهم أن يجسدوا عملهم السياسي بما من شانه أن يسهم في بناء اليمن الجديد
 
كيف تقيّمون أداء الرئيس هادي إلى الآن؟
– أداء هادي إلى حد الآن جيد.. وقد تحمل المسؤولية في ظروف غاية في التعقيد ويعتبر رجل المرحلة الصعبة في تاريخ اليمن الحديث.
 
وماذا عن التغييرات والتنقلات التي قام بها هادي ..هل أنتم راضون عنها؟
التغييرات التي تمت وخصوصا في المجال العسكري راضين عنها وهي من صلاحيته المطلقة، اما فيما يخص الجانب المدني وخصوصا في المحافظات وبعض المؤسسات فإننا نشعر بتهميش كبير فيها وتجاوز لنص المبادرة واليتها التنفيذية، وتجاوز للوفاق والشراكة واحدث استياء كبير في أوساط المشترك وعلى وجهة الخصوص التعيينات الأخيرة التي كنا نأمل من الرئيس هادي ان لا يتجاوز شركاء التسوية وخصوصا بعد التجاوزات السابقة.
 
• وفيما يخص أداء حكومة الوفاق؟
أداء الحكومة لسنا راضين عنه ..لان طموحنا أكثر من ذلك ولكنها تواجه صعوبات كثيرة من الصعب جدا أن تتجاوزها في هذه المرحلة وكان من المفترض أن لا تقدم برنامجها بذلك الشكل، لان برنامجها يقتصر على ثلاثة مرتكزات أساسية الأول: تثبيت الحكم الرشيد والحد من الفساد، والثاني: العمل على نقل السلطة سليما، والثالث: العمل على استتباب الأمن وفرض هيبة الدولة على كل إنحاء البلاد، لكنها حملت نفسها أكثر من طاقتها، وخصوصا أن فترتها عامين فقط ولكن البرنامج المقدم يعد لأكثر من خمس سنوات، وأيضا هناك من داخل الحكومة نفسها من يضع عراقيل أمام أداء الحكومة.
 
• كثر الحديث عن احتمال ترشيح المؤتمر الشعبي العام لنجل صالح العميد ( أحمد علي) في انتخابات الرئاسة العام 2014م.. كيف سيكون موقفكم في المشترك في حال تم ذلك؟
– لا نستبق الأحداث.. لكل حدثا حديث ..اليوم نحن أمام مهمة وطنية كبيرة تتمثل في العمل على إنجاح الحوار الوطني واستكمال هيكلة القوات المسلحة والأمن والعمل على ما من شانه أن يلملم الجراح وإخراج البلد من وضعه المتردي ولن نستبق الأحداث.
 
• وهل تمتلكون حق الاعتراض على هذا الترشيح؟
– سيكون هناك دستور جديد وهو الذي سيحدد من يحق له أن يترشح ولابد من ضوابط في هذا الأمر
 
• ما رأيك حول ما يُقال من حديث عن خروج الرئيس السابق للإقامة خارج البلاد؟
– خروج الرئيس السابق مهم جدا ويحد من التوترات التي تمر بها البلاد، ويسهل من عملية استكمال هيكلة الجيش وتنفيذ المبادرة والياتها التنفيذية .
 
• والى أي مدى سيؤثر هذا الخروج – إن تم- على سير العملية الانتقالية؟
– الخروج سيلاقي ارتياح لدى شباب الثورة والأوساط السياسية، وسيحقق تقدم كبير في التسوية ويحقق للمؤتمر الشعبي العام حرية في استقلال القرار والبناء التنظيمي، وسيسهم ذلك في الاستقرار الأمني، وتحسن في أداء الحكومة كونه ما يزال عائق أمام حكومة الوفاق من خلال الممارسات التي يقوم بها في عرقلة التسوية.
 
• كلمة أخيرة؟
– كلمتي موجهة إلى كل ثائر وثائرة خرجوا إلى الساحات وميادين الحرية أقول لهم لقد عانيتم وكنتم صادقين في توجهاتكم.. تحملون المشروع المدني.. تؤمنون بالحرية وتقبل الأخر وعليه لا تنجرون وراء أعداء الثورة الذين يريدون تشويهه الثورة بثورة مضادة، وزرع الخلاف بين المكونات الثورية، وان لا نستورد خلافتنا من الخارج إلى الداخل وان لا ننجر وراء الخلافات الضيقة المذهبية أو القبلية، فاليمن بأمس الحاجة لرص الصفوف، ولملمة الشمل، ودماء شهدائنا تنادينا، الله الله باليمن فهي أمانة بأعناق الجميع، وان لا نجري وراء الفتات ونترك المشروع الوطني الكبير
زر الذهاب إلى الأعلى