حوار الحياة

الكاتب والباحث عادل الاحمدي: لن يتغير الإعلام ما لم نغيّر تصورنا للوظيفة التي نريدها منه

 

الحياة اليمنية – حاوره موسى العيزقي

 

الكاتب والباحث عادل الأحمدي، رئيس تحرير “نشوان نيوز”، في هذا الحوار الذي اجرته مع صحيفة “الحياة اليمنية” المحلية، تطرق فيه إلى جوانب شخصية ومختلف تطورات الأحداث في اليمن .. ” فإالى نص الحوار:

– في البداية نرحب بك استاذ عادل.. ونشكرك على تلبية الدعوة.. وقبل أن نبدأ الحوار نود أن نوضح للسادة القراء أن هذا الحوار يتكون من شقين.. الشق الاول (شخصي) والشق الاخر ( سياسي).. وسنبدأ من الشق الشخصي .. وسؤالنا الأول: من هو عادل الأحمدي؟
“نبرةٌ لملمت وجدها من بخور الأماني، ومن همسةٍ في الغيول الصبايا ومن دفتر في عريش السمرْ”.. وما أصعب أن يسوق الإنسان تعريفاً لنفسه.. وأكاد أجزم أن الآخرين (ذوو الإنصاف منهم تحديداً) هم الأقدر على وصفك وليس أنت..

– كيف كانت بداية عادل الأحمدي؟
لعلك تقصد البداية في عالم الكتابة، فقد بدأت في الشعر ووفر لي معهد المعلمين جمهوراً حميماً، وامتد ذلك إلى كلية التربية، إلى أن التحقت في عام 98 بالعمل مدققاً لغوياً في مجلة “نوافذ” التي كان يرأسها الأستاذ نصر طه مصطفى، وفي “نوافذ” أمكن لي أن أنهل من أساتذة كبار، كالأستاذ نصر، والأستاذ سعيد ثابت، والأستاذ حميد شحرة رحمه الله، والأستاذ جمال أنعم.. إضافة إلى محمود ياسين. ولم يمر شهر حتى وجدتني قائماً بأعمال سكرتارية التحرير دون أن أعلم، ثم عينت سكرتيراً للتحرير.. وعبر “نوافذ” تراجع الشاعر على حساب الكاتب. علماً أن تلك الفترة أيضاً تتزامن مع عملي في سلك التربية في النشاط الثقافي بدار الأيتام بصنعاء، وبعد أن توقفت مجلة “نوافذ” عملت في صحيفة “الأسبوع” ونهلت من الأستاذين سامي غالب وحسن العديني.
وأذكر أن الأستاذ سامي غالب هو أول من قال لي أنني صرت صحفياً. وشيئاً فشيئاً حتى وجدتني ، كلية، في مجال الإعلام وخرجت منسحباً تماماً من حقل التربية والتعليم، بينما لازال الشاعر يحتضر فيّ حتى الآن..
وهل هناك شخصية كبيرة تقف وراءه؟
بالتأكيد.. قل شخصيات عديدة، أمي وأبي وزوجتي حفظهم الله جميعاً..

– أين تجد نفسك وسط هذا الركام الحزبي؟
في منطقة ما، تقف على مساحة واحدة من جميع مكوناته.. حاولت أن أكون حزبياً ولم أستطع، وحُسبت على كافة الأطراف من قِبل كافة الأطراف، وأكثر ما حُسبت على الإصلاح لأن بداياتي كانت بـ”نوافذ” التي كانت صادرة عن مركز دراسات تابع للإصلاح.. ووصلت سريعا إلى قناعة أنه من الغباء أن يقضي الإنسان جزءاً من عمره في إثبات أو نفي شائعة ما.
ورغم كوني لست حزبياً إلا أنني أعتبر الأحزاب ظاهرة وطنية رغم ما أنفقته من أسفٍ عريض حول أخطاء التحزب نتيجة حداثة التجربة بشكلها العلني في اليمن . وأظنني سأكون سعيداً إذا تحمس الدكتور ياسين لفكرة انضمامي للحزب الاشتراكي اليمني.

– لماذا الاشتراكي بالذات؟
لأنه الحزب الأقدر على استيعاب وتقدير منتجي الأفكار، مع اشتماله على مجموعة من المبادئ والثوابت تهذب نقلات السياسة.. في رأيي أن الحزب الاشتراكي بحاجة إلى إعادة اكتشاف وكثير من الدماء الشابة ستجد فيه إطاراً تنظيمياً لا يكبل الحركة ولا يقيد الفرد بأعباء التحزب.

– ما أصعب موقف واجهته خلال مسيرتك الصحفية؟
لعل مقال “الغبار الأسود” هو المقال الذي يضعني منذ ثلاث سنوات في موقف صعب كلما وجدت قارئا جديدا لم يصله خبر اعتذاري عن جزئية في المقال تتحدث عن التضحية بـ300 ألف انفصالي لبقاء الوحدة.
كذلك كتبت مقالاً في صحيفة “الناس” انتقدت فيه حملة الزملاء في صحيفتي “الشورى” و”الثوري” في قضية التوريث حيث أتفق معهم على رفض التوريث واختلفت معهم على مفردات التناول.. كان أول مقال سياسي أكتبه، وكنت أشعر أن عيون الكثير من الزملاء صارت تنظر إلي باعتباري المولود الجديد للنظام، بل صرح أحدهم بهذه العبارة. ومنذ 2004 وحتى الآن، أثبتت الأيام العجب العُجاب، حتى ارتمى بعض من كانوا في الطرف المقابل حينها في حضن النظام وأجهزته وأصبحوا أصحاب مشاريع شخصية ماثلة على الأرض. وظللت خارج سور الحظوات الخاصة بمراكز القوى المختلفة التي نشطت في السنوات الأخيرة في اصطياد الأقلام.. لم يكن أحد من هذه المراكز يظن أنني بالفعل لا أستند إلى أي حزب أو أي مركز قوى ومنها من كان موقنا أن مثلي لا يصلح للاستتباع بل للتلاقح..

– هل عُرض عليك مغريات مادية لغرض جر قلمك للتطبيل لشخص أو فئة على حساب ضميرك ووطنك؟
لا.. وأظن أن سمعتي وكتاباتي لم تؤهلني لأكون شخصاً مناسباً لمثل هذه المغريات..

– لماذا كتابك “الزهر والحجر”؟
لأن مشكلة الأحداث الكبيرة في بلادنا أنها عادةً تمر ثم لا يوثق لها إلا بعد سنوات عديدة وربما عقود، الأمر الذي يجعل حقائق تلك الأحداث عرضة للانتقاص والتشكيك والتحوير.. فأردت توثيق حرب صعدة في كتاب يخرج للناس الذين هم شهوده وأطرافه، بحيث أن من لديه اعتراض أو تعديل أو تصحيح فالوقت لا يزال سانحاً.. وبحمد الله صدر الكتاب في عام 2006، ثم طبعة ثانية، وتوالت بعد صدوره الحروب في صعدة وأخذت قضية الحوثي مسارات متشعبة ومتعددة، لكن جميعها لا يخرج عن الصورة التي رسمها كتاب “الزهر والحجر”.
ولقد كان المؤلف هو أول المتأثرين بما وصل إليه، إذ وجدت أنني لا أوثق فقط لقصة جماعة الحوثي وحرب صعدة، بل وجدتني لكي أفهم قصة هذا التنظيم وهذه الحرب جيداً مدعوّاً لقراءة التاريخ اليمني والوصول إلى مناطق الوجع ومكامن الضعف التي يتكرر عبرها الاختراق والإخفاق.
قراءة سيّر الأئمة الهادويين تؤكد أن حركة الحوثي ليست إلا تكراراً لطريقة الأئمة في محاولاتهم الدائبة للعودة إلى الحكم كلما فقدوه.. ليغدو تاريخنا طيلة ألف عام سلسلة من الحروب والمعارك التي يموت فيها ملايين اليمنيين “عُكفةً” في جيش هذا الإمام الداعي أو ذاك.. الأمر الذي امّحت معه شخصيتنا الحضارية وتعرضت خلاله ذاكرتنا الجمعية لصدمات متكررة وعطبٍ لم تزل آثاره حتى اليوم.

– مما يخاف عادل؟
أخاف من سلبية الطيبين، ومن جرأة الأبرياء على بعضهم البعض، ومن قسوة الفقراء فيما بينهم، ومن زهد الشرفاء في إصلاح الأوضاع..

– وبماذا يحلم؟
بواقع يجسده قول الشاعر الفضول:
لمَّا أَحِسُّ بِأَنَّ فِيْ أَرْضِيْ جَمَالْ
لَمَّا أَرَىْ أنَّ لَيْسَ فِيْ وَطَنِيْ لِمَمْقُوْتٍ مَجَالْ
وَأَرَىْ بَأَنَّ الْخَيْرَ قَدْ قَتلَ الأَفَاعِيْ وَالْصِّلاَلْ
وَأَرَىْ الْهِدَايَةََ فِيْهِ قَدْ حَفَرَتْ مَدَافِنَ لَلْضَّلاَلْ
لَمَّا أَرَىْ أَنَّ الْثَّعَالِبََ قَدْ رَجَعْنََ إِلَىْ الْدِّحَالْ
وَالْمُهْمَلاَتَ بِهِ تَخَافُ الْسَّحْقَ مِنْ وَطْءِ الْنِّعَالْ
قَنِعَتْ بَمَآوَاهَا وَمَاعَادَتْْ تَطِّلُّ مِنَ الْسِّلاَلْ
وَأَََرْى بِأَنَّ الْمَاقِتِيْنَ الْخَيْرِ قَدْ شَدُّوْا الْرِّحَالْ
وَالْقَادِمُوْن مِنَ الْرِّمَالِ إِلَيْهِ عَادُوْا لِلْرِّمَالْ
لَمَّا أَرىْ الأَفْوَاهَ قَدْ لَفَظَتْ بِهِ لُجَمَ الْبِغَالْ
وَأُوَجُهُ الْكَلِمَاتَ لاَتَجِدُ الْمَخَافَةَ أَنْ تُقَالْ
لَمَّا أُشَاهِدُ أَنَّ فِيْ وَطَنِيْ وَفِيْ أَرْضِيْ رِجَالْ
لَمَّا أَرَىْ وَطَنِيْ بِهِ يَعْلُوْ الْزَّئِيْرُ عَلَىْ الْسُّعَالْ
لَمَّا أَرَىْ الْرَّعَشَاتََ زَالَتْ وَالْرُّجُوْلَةَ لاَتَزَالْ
وَأَرَىْ بِهِ رُكَبَ الْفُحُوْلِ وَقَدْ نَشِطْنَ مِنَ الْعِقَالْ
وَأَرَىْ بِهِ الْسَّاحَاتَ زاخِرَةً بِقَامَاتٍ طِوَالْ
سَمِنَتْ حَمِيَّتُهَا وَفِيْهَا الْخُوْفُ مَاتَ مِنَ الْهُزَالْ
لَمَّا أَرَىْ كَلِمِيْ وَأَحْرُفَهَا تَطُوْلُ وَلاَتُطَالْ
وَأرَىْ بَأَنَّ الْصِّدْقَ مَرْهُوْبُ الْجَوَانِبِ لاَيُنَالْ
وَأَرَىْ بَأَنَّ الْحَقَّ يُؤْخَذُ دُوْنَ ذُلًّ أَوْ سُؤَالْ
لَمَّا أَحِسُّ بَأَنَّ فِيْ وَطَنِيْ رِجَالْ
لَمَّا أَرَىْ الإِنْسَانَ قُدْسَاً لاَيُهَانُ ولاَيُذَالْ
… إلى آخر القصيدة.
هذا على المستوى الوطني.. أما على المستوى الشخصي، فأسأل من الله تعالى أن يعينني لكي أتفرغ للمجال الذي أجد نفسي حقاً فيه، وهو جانب الدراسات الخاصة بعلم الاجتماع، وأدعوه جل شأنه حسن الختام وألا يخزني يوم يقوم الأشهاد..

– وبما يفكر عندما يكون لوحده؟
ليس هناك موضوع بعينه.. قد يمثل لي إشكالٌ ما تحدياً أستمرُّ في تأمله والإمعان فيه أسابيع وربما شهوراً، إلى أن أصل إلى تفسير متماسك أطمئن له.

– هل كنت تفضل مجالاً غير المجال الصحفي؟
الشعر.

– ما الذي قدمه عادل الأحمدي (الكاتب) لمحافظة إب؟
لم يدع لنا الهم العام فرصة للاهتمام بهمومنا الخاصة وهموم مناطقنا.. وأعتقد أن التمثيل المشرف لهذه المحافظة في أي مجال من المجالات سيكون جزءاً من الدين الذي يسدده أبناؤها نحوها.. ولا زالت إب تعطينا، حتى ونحن بعيد..

– لننتقل للشق السياسي.. ونبدأ من قراءتك للمشهد اليمني في ضوء المعطيات الراهنة؟
في تقديري أن المشهد اليمني رغم تعقيداته وتجاذباته ومخاطره، إلا أنه بإذن الله، يحمل في رحمه مستقبلاً نابضاً بالحيوية والنظافة والإمكان..

 برأيك .. ما الحلول والمعالجات التي تمّكن الحكومة من إخراج الوطن من أزماته الحالية؟
لست خبيراً في مثل هكذا معالجات.. ولكنني أقول مجتهدا، إن البداية الصحيحة تأتي من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في كل المجالات بتدرج وحكمة ورفق، مع إعطاء الأمن والاقتصاد أولوية قصوى والتركيز على ترميم التعليم وإعطاء حيّز أكبر للعلماء والمفكرين والمبدعين في صوامع التخطيط، وفي وسائل الظهور والتأثير العامة.

– باعتقادك ما الخطوة الأولى لحل للقضية الجنوبية؟
برأيي أن صعود الرئيس عبدربه منصور هادي بإقبال منقطع النظير، وخصوصاً في المحافظات الشمالية، وبشرعية شعبية وعربية ودولية غير مسبوقة ولا ملحوقة، كان دليلاً كبيراً على أن الحسابات الجغرافية والجهوية سقطت من أذهان عموم الشعب اليمني.. وبالتالي كان صعود رئيس من أبناء المحافظات الجنوبية هو المدخل العملي لانتشال القضية الجنوبية من وحل المزايدات إلى منصة المعالجات.. وأنا على ثقة أن سقف الحلول التي سيتم التوصل إليها في ظل الحوار الشفاف والأخوي سيكون مرضياً لكل من يهمه حل القضية الجنوبية، أما من يريد استغلالها والمزايدة بها لأغراض وثارات شخصية ضيقة، فلن يقنعه أي حل.

– كيف تقرأ واقع الحراك في المحافظات الجنوبية؟
الحراك الجنوبي رغم تشظيه وتعدد فصائله، إلا أنه يبدو جاهزاً لاتخاذ مسارات غير قابلة للتسمية في الوقت الحالي، إذا لمس أن هناك تأخراً مشيناً في مسألة بناء الدولة.

من يسيّر الحراك؟
القضية التي خرج من أجلها. وهناك من يحاول العزف على أوتار هذه القضية وجعلها تصب في خانة الثأر السياسي من أطراف بعينها.. وأشعر أن الوعي الجمعي للحراك يستفيد من أية أموال قد تأتي إليه من البيض أو غيره، لكنه لن يسمح بأن تتحول محصلته النهائية إلى خانة المشاريع الصغيرة..

– وماذا عن الحوثيين؟
بلغوا ذروة ما يستطيعونه وبدأوا الآن في العد التنازلي، والخشية الحقيقية هو أن يستجيب مثل هذا المشروع لعوامل الضمور محتفظاً بعوامل الانبلاج في أسنح فرصة قادمة..

– هل لهم أجندة خاصة من وجهة نظرك؟
أعتقد أنهم سهلوا عليّ الأمر في الإجابة على هذا السؤال من خلال طرحهم لما سمي بـ”الوثيقة الفكرية والثقافية” التي أثبتوا من خلالها أنهم لا زالوا يعيشون محاصرين بفكرة الإصطفاء والتميز السلالي، والتي لا تمت للدين ولا للمنطق ولا للحضارة بصلة.

– هل يعملون لصالح الثورة أم ضدها؟
لدي دراسة متكاملة في هذا الجانب، ستقرأها، بمشيئة الله قريبا في الصحف، وآمل أن تنشروها أيضاً في ” الحياة اليمنية”، لأن موضوع “الحوثي والثورة” حريٌ بألا يخضع للتوصيف السريع. على أنه من السهل أن نخلص الآن إلى أن الحوثيين كانوا يريدون فعلاً أن يحدث تغيير، ولكن التغيير الذي ينشدونه لا يشبه التغيير الذي خرجت من أجله الشعب. وبالتالي وقعوا في مأزق محاولة السيطرة على نتيجة تغيير اشترك الشعب كله في صنع أسبابه وملامحه. ولما أيقنوا صعوبة ذلك راحوا يبخسون هذا التغيير حقه ويشككون فيه، بل ويفضلون بقاء الوضع السابق ويتحالفون معه.

– باعتقادك.. هل سيتركون السلاح مستقبلاً وينخرطون في العمل السياسي؟
لا. هم الآن منخرطون في العمل السياسي بكافة أشكاله وأطره، وما تنظيم الحوثي إلا الجناح العسكري لهذا المشروع الذي لا يزال يصر على التفسير العائلي للدين ويصطدم في وسائله وأهدافه مع روح الإسلام وأحلام الشعب وثمار البشرية عبر نضالها الطويل في سبيل الحرية والمساواة والرخاء.. أما بالنسبة لترك السلاح فبرأيي أن عقم المشروع الحوثي سيحول دون أن يتفهم أصحابه مقتضيات العصر وبالتالي قد يجرون النظام الحالي لاستخدام الاكراه العسكري حتى ينتزع سلاحهم المتوسط والثقيل إذ لا يوجد نظام يحترم نفسه ويريد بسط سيادته على كامل أراضيه يرضى بوجود جماعة مسلحة خارج إطار القانون أيا كان اسمها أو لونها أو اعتقادها.

– ارتفعت أصوات في المؤتمر الشعبي العام تؤكد أن (أحمد علي عبد الله صالح) هو مرشحهم في انتخابات الرئاسة المقبلة.. كيف تعلق على ذلك؟
أتوقع أن الدستور الجديد أو التعديلات الدستورية المرتقبة ستتضمن بالضرورة نصوصاً ستحول دون جعل هذه الفترة الانتقالية مجرد معبر وجسر من الأب إلى الابن.. وذلك عبر اشتمال هذه التعديلات نصوصاً تحظر على أصحاب السلك العسكري الترشح لمنصب الرئيس ما لم يمر 5 سنوات على الأقل منذ تركها العمل العسكري.. وذلك حتى لا يستقوي أي رئيس قادم بالجيش ليرغم الآخرين على القبول ببقائه في السلطة أو بوصوله إليها.. غير أن الجناح الذي يحدث نفسه داخل المؤتمر الشعبي العام بمثل هذه الأمنيات يريد أن يتكسب على عاتق هذا الطرح ولا يعبأ في أن تدخل البلاد قلقاً جديداً يسفر عنه امتيازات أقل لأفراد النظام السابق.
ومن حق الأخ أحمد علي عبدالله صالح أن يترشح، كمواطن يمني، ولكن قراراه سيكون أكثر صوابية عندما ينسى قصة السنتين هذه إذا كان عنده رغبة بالترشح، ويهيئ نفسه من الآن إلى ما بعد 10-15 سنة.. وأعتقد أن المستقبل يحفل بفرص عديدة لكل من يتطلع إلى خدمة الشعب عبر المنصب الأول وذلك عن طريق عدم تأبيد المنصب لدى فرد واحد مدة طويلة كما حدث مع الرئيس السابق الذي أكل فترات 5 رؤساء كان بإمكانهم أن يتداولوا على الحكم خلال الـ33 عاما الماضية..

– إذا انتقلنا للجانب الصحفي والإعلامي.. كيف يقيّم الأستاذ عادل الواقع الصحفي في اليمن بشكل عام؟ وفي هذه المرحلة بشكل خاص باعتبارها مرحلة توافق ووفاق تستدعي الابتعاد عن التعبئة.. والعمل على تلطيف الأجواء وتهيئتها؟

وجدنا أنفسنا في دوائر الخوف من جديد.. مع هذا أؤكد أن الاعلام الرسمي او الحزبي أو الاهلي يظل مرآة لمزاج الساسة وليس صانعا لتوجهاتهم أو مجهرا يعينهم على مشاهدة الواقع من كافة زواياه. وبالتالي فاللوم موجه بدرجة أساس للساسة ثم لأهل الإعلام.

– طيب .. ما الدور الذي يجب أن تقوم به وسائل الإعلام (الحكومي والحزبي والمستقل) في هذه المرحلة؟
أن تفتح آفاق المستقبل وألا تقف كثيراً عند مفردات وشخوص ومواقف وخلافات المرحلة السابقة.

– باعتقادك ما الذي يخرج الإعلام اليمني من بوتقة الإعلام الشخصي إلى رحاب الإعلام الوطني الهادف؟
لن يتغير الإعلام ما لم نغيّر تصورنا للوظيفة التي نريدها منه.. ولن نغيّر تصورنا لوظيفة الإعلام أو التعليم أو الأحزاب أو غير ذلك ما لم نصل إلى مشروع وطني جامع نحدد من خلاله وبوضوح.. من نحن، ومن أين جئنا، وماذا لدينا، وأين نقف، وماذا نريد، كيف نحقق ما نريده، وخلال كم، وما هي العوائق؟.
ولاشك أن هناك إجابة، غير مدونة، لهذا السؤال لا يختلف عليها معظم الشعب اليمني بكافة أحزابهم وتوجهاتهم.. وعند ذاك سنستثمر كل إمكانياتنا بلا هدر ولا إساءة استخدام، ولا تجيير شخصي.. وينطبق هذا على الإعلام وغيره.
أقول: يستحيل على اليمنيين إذا كانوا قد حددوا مشروعهم وعرفوا من أين جاءوا وأين يقفون وماذا يريدون.. يستحيل عليهم أن يعيشوا مثل هذه الغيبوبة عن ذكرى عظيمة تفصلنا عنها أشهر قليلة، وهي اليوبيل الذهبي لثورة سبتمبر الخالدة، الذي يفترض أن نكون قد أعددنا له منذ سنوات.. كما يفترض ألا نتفاجأ بحلول المناسبة وليس لدينا ما يليق بها.. فالاحتفاء ليس من باب الاحتفال الكرنفالي المعبر عن الفخار والبهجة، ولكنه فرصة لا تُعوض من أجل إعادة الاعتبار لكل القيم العظيمة التي راحت في سبيلها أرواح خيرة أبناء اليمن، حتى لا نلدغ من جحر مرتين.. خصوصا أن العقرب لا زال يحاول..

– كيف تنظر إلى اداء الرئيس هادي ؟  
أشرت في أحد مقالاتي أنني التقيت الرئيس عبدربه منصور هادي في العام 2007 في إب، على هامش إعدادات المحافظة للاحتفاء بالعيد الوطني الـ17.. ومنذ ذلك اللقاء الذي تعرفت فيه على شخصية هادي عن قرب وأنا أسأل الله أن يؤول أمر البلاد لعبدربه منصور هادي أو لشخص يحمل نفس مواصفاته..
الرئيس هادي لا تنقصه الشجاعة، وفي تقديري أنه لا ينقصه أبداً الرغبة الصادقة لوضع المداميك الحقيقية ليمنٍ آمنٍ مستقرٍ مزدهر.. وأثق جيداً بأنه يمتلك من الحكمة ما يعينه على تخيّل التوقيت المناسب لأي قرار ضروري مهما بلغت صعوبته.. وأعتقد أن القضية ليست إزاحة أو نقل أقارب صالح من مناصبهم أو إقالة كافة أطراف الخصومة الذين كانوا يمثلون النظام السابق. وإنما التحدي الأكبر في جعل كل هؤلاء يوقنون أنهم أمام تغيير ناجز فرض نفسه وغيّر مجرى الأمور في اليمن مهما اٌختُُلف في تسمية الدوافع التي أدت إلى هذا التغيير. بحيث يصبح كل هؤلاء أدوات مفيدة في عملية التغيير إلى الأفضل وقابلة لأن يكون لها دور في المستقبل.. لأن أي محاولة لإعاقة ما تبقى من مراحل هذا التغيير، أو السعي لجعله يصب في خانة التدهور والتراجع؛ فإن مثل هذه المحاولة كفيل بسد كافة أبواب المستقبل أمام أصحابها إن لم يكن زجهم في زنازين الشعب والتاريخ.

– أي مستقبل تتوقعه لكلاً من:
القاعدة
من ليس له ماضٍ، ليس له مستقبل.

الحوثيون؟
إذا اقتنعوا أن جميع مراكب العودة احترقت فليس عليهم سوى الغرق في مياه المحيط. علماً أن الإمامة مشروع يبحث عن أرض.. قد ينام لكنه لا يموت.

الحراك؟
“الحراك”.. مثلما كان وصفاً لفعل، سيكون ذكرى لمرحلة. على أن التسمية ستعيش لسنوات من باب الاجترار والاعتساف.

حزب المؤتمر؟
يمتلك حزب المؤتمر الشعبي العام كوادر قيادية وقواعد تنتظر بفارغ الصبر ارتخاء القبضة العائلية عنه ليعيدوا للمؤتمر هويته الميثاقية وطابعه الوطني البرامجي، في حين أن هنالك أيضا في المؤتمر من يريد أن يثبت أن المؤتمر واليمن والوطن العربي لا شيء بعد علي عبدالله صالح!

حزب الرشاد السلفي؟
الله يعينهم.

حزب الإصلاح؟
أعتقد أن لا أحد، جهة أو حزبا أو فردا، في الأيام القادمة، سينال أكثر مما يستحق.

زر الذهاب إلى الأعلى